سورة الهمزه
مكية وآياتها تسع آيات
بين يدي السورة
* سورة الهمزة مكية ، وقد تحدثت عن الذين يعيبون الناس ، ويإليلون أعراضهم ، بالطعن والإنتقاص ، والازدراء ، وبالسخرية والإستهزاء فعل السفهاء [ويل لكل همزة لمزة الذي جمع مالا وعدده]
* كما ذمت الذين يشتغلون بجمع الأموال ، وتكديس الثروات ، كأنهم مخلدون في هذه الحياة ، يظنون لفرط جهلهم وكثرة غفلتهم أن المال سيخلدهم في الدنيا [يحسب أن ماله أخلده ].
* وختمت السورة بذكر عاقبة هؤلاء التعساء الأشقياء، حيث يدخلون نارا لا تخمد أبدا، تحطم المجرمين ومن يلقى فيها من البشر، لأنها الحطمة نار سقر! ! [كلا لينبذن في الحطمة وما أدراك ما الحطمة ؟] إلى نهاية السورة الكريمة.
اللغه :
[همزة] الهماز : الذي يغتاب الناس ويطعن في أعراضهم ، وبناء "فعلة" على الإعتياد فلا يقال : لعنة وضحكة ، إلا للمكثر المعتاد
[لمزة] اللماز : الذي يعيب الناس ، وينال منهم بالحاجب والعين ، وفي الحديث الشريف (ليس المؤمن بالظنان ولا اللعان ، ولا الفاحش ، ولا البذيء )
[الحطمة] نار جهنم سميت بذلك لأنها تكسر كل ما يلقى فيها وتحطمه وتهشمه
[مؤصدة] مطبقة مغلقة ، من أوصد الباب إذا أغلقه .
التفسير:
[ويل لكل همزة لمزة] أي عذاب شديد، وهلإلي ودمار، لكل من يعيب الناس ويطعن في أعراضهم ، أو يلمزهم سرا بعينه أو حاجبه ، قال المفسرون : نزلت السورة في "الأخنس بن شريق" لأنه كان كثير الوقيعة في الناس ، يلمزهم ويعيبهم ، مقبلين ومدبرين ، والحكم عام لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ،
[الذى جمع مالا وعدده ] أي الذي جمع مالا كثيرا وأحصاه ، وحافظ على عدده ، لئلا ينقص فمنعه من الخيرات ، قال الطبرى : أي أحصى عدده ولم ينفقه في سبيل الله ، ولم يؤد حق الله فيه ، ولكنه جمعه فأوعاه وحفظه
[يحسب أن ماله أخلده ] أي يظن هذا الجاهل لفرط غفلته ، أن ماله سيتركه مخلدا في الدنيا لا يموت
[كلا لينبذن في الحطمة] أي ليرتدع عن هذا الظن ، فوالله ليطرحن في النار التي تحطم كل ما يلقى فيها وتلتهمه
[وما أدراك ما الحطمة] تفخيم وتهويل لشأنها ، أي وما الذي أعلمك ما حقيقة هذه النار العظيمة؟ إنها الحطمة التى تحطم العظام ، وتإليل اللحوم ، حتى تهجم على القلوب ، ثم فسرها بقوله
[نار الله الموقدة] أي هي نار الله المسعرة ، بأمره تعالى وإرادته ، ليست كسائر النيران ، فإنها لا تخمد أبدا، وفي الحديث (أوقد على النار ألف سنة حتى إحمرت ، ثم أوقد عليها ألف سنة حتى إبيضت ، ثم أوقد عليها ألف سنة حتى إسودت ، فهي سوداء مظلمة)
[التي تطلع على الأفئدة] أي التي يبلغ ألمها ووجعها إلي القلوب فتحرقها ، قال القرطبي : وخص الأفئدة بالذكر، لأن الألم إذا صار إلى الفؤاد مات صاحبه ، فإنهم في حال من يموت وهم لا يموتون ، كما قال تعالى [لا يموت فيها ولا يحيا] فهم إذا أحياء في معنى الأموات
[إنها عليهم مؤصدة] أي إن جهنم مطبقة مغلقة عليهم ، لا يدخل إليهم روح ولا ريحان
[في عمد ممددة] أي وهم موثوقون في سلاسل وأغلال ، تشد بها أيديهم وأرجلهم ، بعد إطباق أبواب جهنم عليهم ، فقد يئسوا من الخروج ، بإطباق الأبواب عليهم ، وتمدد العمد للأيذان بالخلود إلي غير نهاية .
البلاغة :
تضمنت السورة الكريمة وجوها من البديع والبيان نوجزها فيما يلي :
1- صيغة المبالغة [همزة ولمزة] لأن بناء "فعلة" يدل على أنها عادة مستمرة.
2- التنكير للتفخيم [جمع مالا] أي مالا كثيرا لا يكاد يحصى.
3- التفخيم والتهويل [وما أدراك ما الحطمة]؟ تهويلا لشأن جهنم.
4- الجناس غير التام بين [همزة] و [لمزة] ويسمى الجناس الناقص.
5- توافق الفواصل مثل [عدده ، أخلده ، الموقدة ، ممددة] ويسمى بالسجع ، وهو من المحسنات ا لبديعية.
.....انتهى التفسير.....