سورة الفلق
مكية وآياتها خمس آيات
بين يدي السورة* سورة الفلق مكية، وفيها تعليم للعباد أن يلجأوا إلى حمى الرحمن ، ويستعيذوا بجلاله وسلطانه ، من شر مخلوقاته ، ومن شر الليل إذا أظلم ، لما يصيب النفوس فيه من الوحشة ، ولإنتشار الأشرار والفجار فيه ، ومن شر كل حاسد وساحر ، وهي إحدى المعوذتين اللتين كان (ص) يعوذ نفسه بهما.
اللغة:[الفلق ] الفلق : الصبح تقول العرب : هو أبين من فلق الصبح ، وأصله من فلق الشيء أي شققته ، فكل ما إنفلق من شىء ، من حيوان ، وحب ، ونوى ، فهو فلق ، ومنه "فالق الإصباح " ، قال ذو الرمة : "حتى إذا ما انجلى عن وجهه فلق " أي انجلى الصبح عن وجهه "
[غاسق] الغاسق : الليل إذا إشتد ظلامه ، والغسق أول ظلمة الليل يقال : غسق الليل أي أظلم ، قال الشاعر : إن هـذا الـليـل قـد غـسـقـا وإشتكـيت الـهـم والأرقـا
[وقب ] دخل بظلامه ، والوقوب : الدخول
[النفاثات] النفث : شبه النفخ دون تفل بالريق ، فإذا كان معه ريق فهو التفل ، قال عنترة : فـان يـبـرا فـلم أنـفـث عـليـه وإن يفقد فحق له الفقود
التفسير:[قل أعوذ برب الفلق] أي قل يا محمد إلتجىء وأعتصم برب الصبح ، الذي ينفلق عنه الليل ، وينجلي عنه الظلام ، قال ابن عباس : [الفلق ] الصبح كقوله تعالى [فالق الإصباح ] وفي أمثال العرب : هو أبين من فلق الصبح ، قال المفسرون : سبب تخصيص الصبح بالتعوذ، أن إنبثاق نور الصبح بعد شدة الظلمة، كالمثل لمجيء الفرج بعد الشدة، فكما أن الإنسان يكون منتظرا لطلوع الصباح ، فكذلك الخائف يترقب مجىء النجاح
[من شر ما خلق ] أي من شر جميع المخلوقات ، من الإنس ، والجن ، والدواب ، والهوام ، ومن شر كل مؤذ خلقه الله تعالى
[ومن شر غاسق إذا وقب ] أي ومن شر الليل إذا أظلم ، وإشتد ظلامه ، فإن ظلمة الليل ينتشر عندها أهل الشر من الإنس والجن ، ولهذا قالوا في المثل : (الليل أخفى للويل) ، قال الرازي : وإنما أمر أن يتعوذ من شر الليل ، لأن في الليل تخرج السباع من آجامها ، والهوام من مكانها ، ويهجم السارق والمكابر، ويقع الحريق ، ويقل فيه الغوث
[ومن شر النفاثات في العقد] أي ومن شر السواحر اللواتي يعقدن عقدا في خيوط ، وينفثن - أي ينفخن - فيها ليضروا عباد الله بسحرهن ، ويفرقوا بين الرجل وزوجه [وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ] قال في البحر: وسبب نزول المعوذتين قصة "لبيد بن الأعصم " الذي سحر رسول الله(ص) ، في مشط ومشاطة وجف - قشر الطلع -طلعة ذكر، ووتر معقود فيه إحدى عشرة عقدة ، مغروز بالإبر، فأنزلت عليه المعوذتان ، فجعل كلما قرأ آية إنحلت عقدة ، ووجد في نفسه خفة(ص) ، حتى إنحلت العقدة الأخيرة فقام فكأنما نشط من عقال
[ومن شر حاسد إذا حسد] أي ومن شر الحاسد الذي يتمنى زوال النعمة عن غيره ، ولا يرضى بما قسمه الله تعالى له ، وإنما اختصت هذه الأمور الأربعة بالإستعاذة ، لأمر أهم الذنوب التي ينبغي التحذير منها ، وهي المهلكة للإنسان ، وهي من الكبائر (الإضرار بالخلق ، والسعى بالإفساد في الأرض ، والسحر ، والحسد) وكفى بها جرائم ، ينبغي أن يستعيذ منها المؤمن !
البلاغة :تضمنت السورة الكريمة وجوها من البديع والبيان نوجزها فيما يلي :
1- الجناس الناقص بين [فلق ] و [خلق).
2- الإطناب بتكرار الإسم [شر] مرات في السورة [من شر ما خلق ] [ومن شر غاسق ] [ومن شر النفاثات ] إلخ تنبيها على شناعة هذه الأوصاف.
3- ذكر الخاص بعد العام للإعتناء بالمذكور [من شر ما خلق ] فإنه عموم يدخل تحته شر الغاسق ، وشر النفاثات ، وشر الحاسد.
4- جناس الإشتقاق بين [حاسد] و [حسد).
5- توافق الفواصل مراعاة لرءوس الآيات.
...........انتهى تفسير الفلق..............
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]