أم نور و مريم الادارة
عـدد المشارڪات : 5016 تاريخ التسجيل : 04/01/2011 الموقع : في قلب زوجي العمل/الترفيه : طبيبة زوجي و أولادي مزاجك : على حسب ميزاج زوجي
| موضوع: التنشئة الإجــــــــتماعية السبت يونيو 04, 2011 5:30 pm | |
| خطة البحث
مقدمة تعريف التنشئة الاجتماعية خصائص التنشئة الاجتماعية أهمية عملية التنشئة الاجتماعية عناصر التنشئة الاجتماعية أهداف التنشئة الاجتماعية مراحل التنشئة الاجتماعية نظريات التنشئة الاجتماعية حـق الطفـل فـي التنشئـة الاجتماعيـة والتعليـم التنشئة الاجتماعية في الفكر التربوي الإسلامي أساليب التنشئة الاجتماعية في الإسلام
مقدمة:
إن موضوع التنشئة الاجتماعية من أكثر المواضيع بريقا في علم النفس للمتخصص ولغير المتخصص ، وخاصة أن لم يكن سمع عنه من قبل فإنه موضوع شيق جدا ، فأنا عندما سمعت عن التنشئة الصحيحة والخاطئة في أول أمري فرجت أساريري وتمتعت كثيرا لمعرفتي في هذا الموضوع فأنا اليوم أنقله لكم لكي يستعين به غير المتخصصين لحسن تنشئتهم لأبنائهم وتتمتعون بهذه الأساليب للتربية السليمة فإنشاء الله ننقل التعريف وأواه ثم الأساليب الخاطئة
تعريف التنشئة الاجتماعية:
تعددت التعاريف التي أعطيت لهذه القطعة المفاهيمية حتى انه يصعب جمعها كلها. لكن ورد في معجم المصطلحات العلوم الاجتماعية أن التنشئة الاجتماعية هي:
"العملية التي يتم بها انتقال الثقافة من جيل إلى جيل, والطريقة التي يتم بها تشكيل الأفراد منذ طفولتهم حتى يمكنهم المعيشة في مجتمع ذي ثقافة معينة.
ويدخل في ذلك ما يلقنه الآباء والمدرسة والمجتمع للأفراد من لغة ودين وتقاليد وقيم ومعلومات ومهارات...".
وورد في معجم غرافيتس بأنها" العملية التي من خلالها يتم إدماج الأفراد في مجتمع معين فيستوعبون القيم والمعايير والقواعد الرمزية ويعملون على تعلم الثقافة بشكل عام بفضل العائلة والمدرسة وكذلك اللغة والبيئة..
فهي تمثل التعلم والتوافق فقد استخدمت لمعنى تحويل الملكية الفردية إلى ملكية اجتماعية (وسائل إنتاج) في النظام الاشتراكي.
عرفها تشيل بأنها العملية الكلية التي من خلالها يتم توجيه الفرد نحو تنمية سلوكه الفعلي إلى ما هو معتاد وقبول اجتماعيا وفق ما يسير الجماعة التي ينتمي إليها.
كما عرفها بارسونز بأنها عملية تعليم تستند على مختلف عمليات التقليد والمحاكاة والتوحد الاجتماعي عند الطفل مع الأنماط العقلية والعاطفية والأخلاقية للراشد وتهدف إلى إدماج عناصر الثقافة في نسق الشخصية وهي عملية لا نهاية لها بل مستمرة باستمرار.
ويعرفها بريم وايلر تعريفا تفاعليا بأنها عملية اكتساب الفرد للمعارف والقدرات التي تسمح له بالحصول على فرصة للمشاركة في الحياة الاجتماعية وأعضائها بوصفهم فاعلين فيها.
وهي في تصور صالح أبو جادو عملية نمو وتحول الطفل من الاعتماد على غيره والتمركز حول الذات والبحث عن الحاجات الفزيولوجية فقط إلى فرد راشد يدرك مفاهيم المسؤولية ويتحملها ويعتمد على نفسه وله القدرة على ضبط انفعالاته والتحكم في سلوكه وإشباع حاجاته وفق ما تتطلبه المعايير الاجتماعية والقيم التي يفرضها المجتمع وقادر على إنشاء علاقات مع غيره من الأفراد المحيطين به في علاقات اجتماعية سوية.
تدل التنشئة الاجتماعية في معناها العام على العمليات التي يصبح بها الفرد قادرا على الاستجابة بوعي للمؤثرات الاجتماعية وما تتضمنه المؤثرات من التزامات تفرضها من واجبات قصد العيش مع الآخرين وسلوك مسلكهم وفي معناها الخاص تعتبر نتاج العمليات التي يتحول بها الفرد من مجرد كائن عضوي إلى شخص آخر.
يمكن القول أن التنشئة الاجتماعية هي عملية تكامل وتفاعل اجتماعي تتكون خلالها شخصية الفرد وتعكس ثقافة المجتمع حيث اكتسب الفرد قيم واتجاهات ومعايير وعادات وتقاليد هذا المجتمع والغرض من هذا التفاعل الاجتماعي هو إكساب الفرد سلوكيات ومعايير واتجاهات تتناسب مع الأدوار الاجتماعية المحددة له داخل جماعته, والتوافق معها وبذلك يصبح اجتماعيا
في تعامله ويملك القدرة على مسايرة الحياة الاجتماعية والاندماج فيها.
وأخيرا يمكن ان نجمع هذه التعاريف في تعريف واحد هو لـ "غي روشي" الذي قال:
أنها السيرورة التي يكتسب الشخص الإنساني عن طريقها ويستطن طوال حياته العناصر الاجتماعية والثقافية السائدة في محيطه ويدخلها في بناء شخصيته وذلك بتأثير من التجارب العوامل الاجتماعية ذات الدلالة والمعنى ومن هنا يستطيع أن يتكيف مع البيئة الاجتماعية حيث ينبغي عليه أنا يعيش ويعرفها أيضا في موقع آخر من كتابه الطريقة التي يتعلم بها أعضاء جماعة من الجماعات نماذج مجتمعهم ويمثلونها ويجعلون منها قواعدهم الشخصية في الحياة.
يحمل هذا التعريف مجموعة كبيرة من العناصر وبوجه خاص ثلاث عناصر أساسية في التنشئة الاجتماعية تشكل دليلا ومرشدا لها:
* اكتساب الثقافة
* تكامل الثقافة في الشخصية
* التكيف مع البيئة الاجتماعية.
خصائص التنشئة الاجتماعية:
التنشئة الاجتماعية عملية تشكيل اجتماعي:
تتولى التنشئة الاجتماعية تشكيل الفرد منذ ولادته, فالطفل يولد صفحة بيضاء يمكن كتابة عليها أي شيء. فعملية التنشئة الاجتماعية تعمل على تحويل الإنسان من كائن بيولوجي حيواني إلى كائن إنساني يملك المؤهلات الإنسانية الاجتماعية بما يجعله كائنا اجتماعيا ناضجا اجتماعيا ويتم نقل المؤهلات عبر التنشئة الاجتماعية التي يمكن عبرها الحصول على نوعية الفرد الذي نريده وإنشاء الاتجاهات الاجتماعية التي يرغب المجتمع في نقلها لأجياله.
التنشئة الاجتماعية عملية إشباع للحاجيات:
من الخصائص المميزة للتنشئة الاجتماعية, أنها عملية تهدف إلى إشباع الحاجيات الاجتماعية للفرد.
وهذا الأمر يساعد على النمو الاجتماعي السليم لشخصية الطفل. وينسحب هذا الكلام على الحاجة للأمن والطمأنينة, التي هي ضرورية للإنسان في جميع مراحل حياته.
ولقد تحدث الكثير من العلماء على الحاجات الاجتماعية للفرد التي يمكن تلبيتها عن طريق التنشئة الاجتماعية. وهذه الحاجات هي: الحاجة البيولوجية, والحاجة للأمن, والحاجة للمحبة, والحاجة للتقدير, والحاجة للمعلومات, والحاجة للانتماء .
التنشئة الاجتماعية عملية ديناميكية:
تحدث عملية التنشئة الاجتماعية عن طريق التفاعل بين الأفراد داخل محيط اجتماعي معين, فيتم خلالها نقل الأنماط السلوكية عن طريق ما يسمى بالنموذج.
وتكون الملاحظة عملية التنشئة. بمعنى أن الفرد يلاحظ النماذج السلوكية أمامه, فيتأثر بها نفسيا, وهذا التأثر ينتقل إلى عملية تقمص وامتثال النماذج.
فعن طريق عملية الأخذ والعطاء يتعلم الفرد قيم وقوانين الجماعة ويتشرب اديولوجيا, وبذلك يصبح على دراية أكثر بثقافة المجتمع التي لا يستطيع معرفتها إلا عن طريق جماعة الأصدقاء.
وقد تكون هذه الثقافة مفيدة لتكوين الشخصية كما قد تكون ثقافة سفلية على حسب طبيعة الجماعة المنضوي تحتها الطفل.
التنشئة الاجتماعية عملية اجتماعية ومستمرة:
التنشئة الاجتماعية تحدث في وسط اجتماعي, يتكون من أفراد إنسانيين فهي تعبر عن خاصية فطرية في الإنسان, وهي انه اجتماعي بطبعه. هذه الاجتماعية تؤدي إلى تبادل النماذج السلوكية بين الأفراد, وتعديلها وإثرائها وفقا لما تدعو إليه حاجة المجتمع.
والتنشئة الاجتماعية عملية مستمرة, تبدأ بميلاد الطفل وتتواصل معه حتى الشيخوخة. لأن الإنسان في كل فترة من فترات حياته يحتاج لأن يتعلم أشياء تساعده على عملية التكيف الاجتماعي, باعتبار أن المجتمع في تغير مستمر, وتطور متواصل. وهذا التغيير يحتاج من الإنسان لأن يعرف كيف يتعامل معه. ومهما بلغ الإنسان من العلم فهو بحاجة إلى تعلم وتنشئة وهذا ما يجعل عملية التنشئة الاجتماعية مستمرة.
التنشئة الاجتماعية هي عملية نمو متواصل للفرد:
الإنسان عند ولادته يكون معتمدا على غيره, ولكنه يملك استعدادات عقلية وأخلاقية واجتماعية ونفسية تمكنه من التحول إلى الاعتماد على نفسه.
وهذه الاستعدادات تصل إلى مرحلة النضج من خلال عملية النمو التي تتم بموجب عملية التنشئة الاجتماعية. ومن ثم فالنمو الاجتماعي الذي يحدث في شخصية الإنسان يكون بفعل التنشئة الاجتماعية. التي يتلقاها الفرد في جميع مراحل نموه, الطفولة, المراهقة, الرشد.
التنشئة الاجتماعية هي عملية تعلم:
من خلال التعاريف التي عرضناها في تعريف التنشئة الاجتماعية نستخلص أن هناك من العلماء من يجعل عملية التنشئة الاجتماعية عملية تعلم للأدوار والمهارات الاجتماعية, التي تساعد الفرد على التأقلم مع محيطه الاجتماعي وإشباع حاجاته الاجتماعية.
فالطفل لا يعر فكيف يستقبل الضيوف وحسن الحديث مع الناس ونوعية الحديث مع أقرانه, ومع الكبار, إلا إذا تلقى تنشئة من والديه في هذا الشأن, أو شاهد أمه أو أباه كيف يعاملان غيرهما من الناس. كما أن الفرد لا يتعلم الحقوق والواجبات الاجتماعية إلا إذا كان قد تعلمها من أحد مصادر التنشئة الاجتماعية في المجتمع. وكما يتعلم الفرد الأشياء الحسنة قد يتعلم الأشياء السيئة, لأن الفرد في المجتمع ينقل النماذج السلوكية من محيطه الذي يعيش فيه. وهذه النماذج تتحدد حسب المحيط الاجتماعي للفرد. وهذا هو الذي يفسر اختلاف أخلاق الأفراد وتصرفاتهم, وحتى اختلاف عاداتهم وتقاليدهم من بيئة لأخرى.
وبالتالي تكون التنشئة الاجتماعية هي العملية التي يتعلم بها الفرد طرق مجتمع ما , أو جماعة ما, حتى يتمكن من العيش في ذلك المجتمع أو بين تلك الجماعة.
التنشئة الاجتماعية عملية نقل للحضارة:
هذه الخاصية ترتكز على مضمون التنشئة الاجتماعية فهي في عمقها الاجتماعي نقل للقيم الحضارية لمجتمع ما, للمحافظة على الاندثار والتغلب على قيم حضارية أخرى وغزوها.
وبالطبع هذا النقل للقيم الحضارية يكون عبر عملية التنشئة الاجتماعية وهذا ما دفع بعض الباحثين إلى اعتبار التنشئة الاجتماعية هي نقل للقوى الحضارية الخارجية الموضوعية, لتكون قوى فردية داخلية شخصية.
التنشئة الاجتماعية عملية تكييف اجتماعي:
عندما يولد الطفل يكون فاقدا للمهارات الاجتماعية التي تيسر له سبل الحياة, حيث أنه أكثر الحيوانات اعتمادا على غيره عند ولادته. ولا يستطيع الحياة إلا إذا مالك الخبرات والمهارات الاجتماعية التي تمكنه من التعامل مع غيره من بني جنسه, والتأقلم والتفاهم معهم, وهذا ما يتم عن طريق التنشئة الاجتماعية التي هي في حد ذاتها عملية تكيف اجتماعي للفرد مع محيطه, إذا اعتبرنا أنه بواسطة التكيف الاجتماعي يستطيع الفرد أن يستجيب لمطالب المجتمع الذي يعيش فيه.
وبذلك تكون عملية التنشئة الاجتماعية, عملية تكيف اجتماعي للفرد مع محيطه الاجتماعي, ممثلة في تقمص الأنماط السلوكية للمجتمع. حتى تغدو سلوكا تلقائيا.
التنشئة الاجتماعية عملية معقدة:
التنشئة الاجتماعية عملية معقدة ومركبة, تتداخل فيها عناصر كثيرة بدءا من طبيعة شخصية الإنسان وبنيته النفسية, إلى المحيط الاجتماعي وما يحتويه من قيم ونماذج سلوكية, إلى إدراك الفرد الاجتماعي نحو تكوينه البيولوجي والوراثي, إلى اللغة ومضامينها الاديولوجية. ثم تنوع الوسائل التي تتم عبرها عملية التنشئة الاجتماعية, كالأسرة والمدرسة وجماعة الرفاق, ووسائل الإعلام, ودور العبادة, والأدوار الاجتماعية والأندية الرياضية. فلا يمكن عزو عملية التنشئة الاجتماعية إلى متغير واحد بغض النظر عن المتغيرات الأخرى. فكل متغير يساهم بقسط معين. إلا أن هنالك تفاوت في التأثير من وسيلة من هذه الوسائل الأخرى, بناءا على نسبة استجابة الفرد لكل وسيلة وتفاعله معها.
كما أن النمو الاجتماعي لا يمكن فصله عن النمو المعرفي للفرد, ولا على النمو اللغوي أو الأخلاقي أو النفسي, وكل واحد من هذه الجوانب يؤثر في الآخر تأثيرا متبادلا, أي أن هناك علاقات تبادلية بين جميع جوانب شخصية الإنسان.
أهمية عملية التنشئة الاجتماعية:
يمكن حصر أهمية التنشئة الاجتماعية في أنها العملية التي بواسطتها نكشف قدرات التلميذ وطاقاته ونؤهله لتفجيرها, ونرشده إلى كيفية تسخيرها في خدمة المجتمع وأهدافه.
وهي وسيلة لبقاء المجتمع والمحافظة على ثوابته الحضارية. عن طريق نقل القيم الحضارية والثقافية والاجتماعية من جيل إلى جيل, وتحقيق التواصل بين الأجيال.
فالتنشئة الاجتماعية عملية لتطوير المهارات والأساليب التي يحتاجها الفرد لتحقيق أهدافه وطموحاته في الحياة والتي تؤدي إلى التنمية الشاملة للمجتمع.
وهي أيضا وسيلة للمحافظة على المجتمع وتماسكه وتعاون أفراده, بواسطة نشر قيم الحب والتآخي والتعاطف بين أفراد المجتمع, وكذلك نشر قيم التسامح والتعاون بينهم.
وبهذا تظهر أهمية التنشئة الاجتماعية في المجتمع, ملخصة في أنها الدرع الواقي من كل الأخطار والدواء من كل الأسقام, والدم النابض لكل جسم حيوي.
عناصر التنشئة الاجتماعية:
أ- الفرد:
الفرد هو موضوع التشكيل الاجتماعي، ومن أجله كانت التنشئة الإجتماعية. ويدخل في مكون الفرد البنية البيولوجية التي يتمتع بها، والتي تتفاعل مع المنبهات الإجتماعية الخارجية التي بموجبها تحدث عملية التنشئة. يضاف إلى ذلك العناصر الوراثية في الإنسان، والتي تتدخل في إستجابات الفرد نحو محيطه، وتصنيف سلوكه الإجتماعي. كما يدخل في هذا المكون، البنية المعرفية الفكرية التي يتمتع بها الفرد. بإعتبار أنها تتدخل في تحديد ادراكات الفرد الإجتماعية، ومن خلالها يتحدد سلوكه الإجتماعي.
يضاف إلى ما سبق، اتجاهات الفرد الإجتماعية نحو الأشياء المحيطة به، التي تتدخل بشكل كبير في تحديد سلوكه الإجتماعي. ومن جهة أخرى، فالتنشئة الإجتماعية عملية بناء للإتجاهات الإجتماعية الإيجابية، وإضمار للإتجاهات السلبية. وتدخل عناصر أخرى في بناء هذه الإتجاهات، كالمزاج، والحب، والكره، والميول ...
ب- مضمون التنشئة الإجتماعية:
التنشئة الإجتماعية هي عملية تمرير لرسالة تربوية للأفراد محل التشكيل الإجتماعي. هذه الرسالة تتضمن مواضيع مختلفة يراد ترسيخها وتأسيسها في نفوس الأفراد. فعملية التنشئة الإجتماعية تحمل أنماطا سلوكية معينة، كالشجاعة والصبر وغير ذلك. وتعمل الأسرة أو أي مؤسسة إجتماعية أخرى، على تعليمها للطفل، عن طريق السلوك النموذجي للأبوين. والطفل يقلد هذا السلوك عن طريق الملاحظة، أو عن طريق التلقين المستمر، أو عن طريق عرض الأحداث.
والتنشئة الإجتماعية تحمل في طياتها اللغة التي هي أداة اتصال بين الأفراد، فهي أول شيء يبدأ الطفل في تعلمه من أبويه. والتي تسمح له بالإتصال والتفاهم مع أفراد محيطه، وتلبية حاجاته النفسية الإجتماعية (عشوي مصطفى 1994).
والتنشئة الإجتماعية هي عملية تمرير للقيم الدينية والخلقية والثقافية من جيل إلى جيل. وبذلك تكون عملية التنشئة الإجتماعية عملية حضارية تحمل في طياتها قيم علاقات التعامل الإجتماعي بين الأفراد، كالتعاون والتكافل الإجتماعي والعدالة الإجتماعية (النعمي عبد الله 1988).
والتنشئة الإجتماعية تتضمن عملية ضبط اجتماعي للفرد. فعن طريقها تتعلم الأجيال الجديدة المعايير الإجتماعية، والحقوق والواجبات داخل المجتمع. وتحقق التنشئة الإجتماعية هذا الضبط الإجتماعي عن طريق تحليل التراث الإجتماعي والظروف البيئية، واختيار العناصر الصالحة فيها، والتي تؤدي إلى نمو صالح للفرد والمجتمع. ويعضد هذا الأمر، تنمية الإتجاهات الإيجابية لدى الفرد نحو العناصر المشتركة والجيدة في البناء الإجتماعي (عفيفي محمد الهادي، جلال عبد الفتاح 1972).
ج- المؤسسة الإجتماعية: وتنقسم إلى:
المؤسسات التقليدية: كالأسرة، وهي أول محيط يتعامل معه الطفل عند ولادته، والذي يتمحور أساسا حول الأب والأم. والأسرة كانت المؤسسة التي تهيمن على عملية التنشئة الاجتماعية لأفرادها، ثم تقلص دورها بظهور مؤسسات إجتماعية جديدة أخذت دور الأسرة وهناك المدرسة، والمسجد وهي أيضا تعتبر مؤسسات تقليدية بالنظر إلى المؤسسات الحديثة, التي نشأت نتيجة للتطور التكنولوجي والتقدم المدني.
المؤسسات الحديثة: مثل وسائل الإعلام التي تعتبر مؤسسة ذات فعالية فائقة في التنشئة الاجتماعية والتأثير على الأشخاص وبناء الاتجاهات وتوجيه الرأي العام ومن المؤسسات الحديثة في التنشئة النوادي الرياضية والثقافية التي تستقطب الكثير من الأفراد التي أنشأت خصيصا لشغل وقت فراغ الفرد وتزويده بالخبرات الاجتماعية
أهداف التنشئة الاجتماعية:
الهدف كما يقول جون ديوي معناه: (وجود عمل منظم مرتب, عمل يقوم النظام فيه على الإنجاز التدريجي لعملية من العمليات التربوية).
يمكن تصنيف الأهداف المتوخاة من التنشئة الاجتماعية في أربعة مستويات:
1- أهداف على مستوى الفرد.
2- أهداف على مستوى الأسرة.
3- أهداف على مستوى المدرسة.
4- أهداف على مستوى المجتمع. أ- أهداف التنشئة على مستوى الفرد: يمكن حصرها فيما يلي:
* تمكين الفرد من النمو المتكامل لشخصيته, وتفتح استعداداته وطاقاته. وتنميتها وتوجيهها التوجيه الصحيح.
* مساعدة الفرد على إمتلاك القدرة على التكيف الاجتماعي المستمر مع محيطه الاجتماعي وتزويده بالخبرات والمهارات الاجتماعية التي يتطلبها هذا التكيف
* شحن الفرد بالخبرات والمهارات الاجتماعية التي تساعده على حفظ وتبني تراثه الثقافي.
* تزويد الفرد بالمعارف والتوجيهات التي تصون سلوكه من الانحرافات الاجتماعية وإكسابه مناعة اجتماعية وخلقية ونفسية لسلوكه الاجتماعي.
* تمكين الفرد من القيام بدوره الاجتماعي بكل إيجابية وشعوره بروح المسؤولية.
* تحقيق النمو الاجتماعي والانفعالي والعقلي للفرد. والتوازن العاطفي ونمو الشخصية نموا سليما.
* إكساب الفرد اللغة سواء تعلق الأمر باللغة التي يتعلم بها العلوم أو تعلق الأمر بلغة الاتصال مع الآخرين والاختلاط بهم, ومعاملتهم معاملة طيبة, وكسب قلوبهم وودهم. وإيجاد مكانه اجتماعية محترمة بينهم.
* تأكيد العلاقات الإنسانية في الفرد حتى تصبح سلوكا تلقائيا في الفرد.
ب- أهداف التنشئة على مستوى الأسرة:
تهدف عملية التنشئة على مستوى الأسرة إلى ما يلي:
* تهيئة الأسرة لتكون المحيط الاجتماعي المناسب لتنمية قدرات الطفل الشخصية, عن طريق شعوره بالحماية والقبول الاجتماعي والعطف والحنان.
* كسب ود الأطفال وعطفهم على والديهم, وإدخال السرور على الأسرة عن طريق اللعب والأدب العالي وحسن السلوك.
* التنشئة الاجتماعية تفرض على الأسرة الاضطلاع بمهمتها في التربية والتكوين, وتعهد الأبناء بالرعاية الاجتماعية الكافية لضمان نمو اجتماعي سليم.
* التنشئة الاجتماعية تؤدي إلى وجود معايير وقيم اجتماعية يتعامل أفراد الأسرة على وفقها, كالحب والشجاعة والصبر.
* إكساب الطفل داخل الأسرة مجموعة من العادات الخاصة بالأكل والشرب والملبس وطريقة المشي, والكلام والجلوس ومخاطبة الناس.
* تبصير الأسرة بدوارها الاجتماعية نحو أبنائها وأي الأساليب السليمة في تربية الأبناء وتكوينهم, وكيف يمكنها أن تتفادى انحراف أعضائها وفشلهم في الحياة الدراسية أو الاجتماعية.
* تمكين الفرد داخل الأسرة من التفاعل مع أعضائها, من خلاله يتعلم الكثير من الأنماط السلوكية, كتقييم الذات.
جـ- أهداف التنشئة على مستوى المدرسة
المدرسة مؤسسة اجتماعية وجدت من أجل التطبيع الاجتماعي السوي, ولذا فإن أهداف التنشئة الاجتماعية على مستواها كما يلي:
* تكملة البناء الاجتماعي الذي بدأته الأسرة في الفرد. بما تتيحه المدرسة من تعلم خبرات جديدة.
* تنمية معاني التعاون والتآزر بين الأطفال والتحرر من حب الذات والأنانية.
* ترسيخ قيم الاجتهاد والجد, وعادات المطالعة والبحث والتعلم, وتقديم الخدمات وحسن التحدث مع الناس.
تدريب الفرد على مهارات تحمل المسؤولية, وحسن القيادة وحل المشكلات وتولي الوظائف, بما تتيحه المدرسة من نشاطات عملية وما تقدمه من دروس نظرية في حجرة الدراسة.
* التحكم في سلوك التلميذ الاجتماعي عندما يخالط مجتمع المدرسة, وتوضيح له مجال حريته وحرية الآخرين, عن طريق عملية المراقبة والتوجيه والمكافئة والعقاب.
* إكساب الفرد مهارات الربط بين الواقع الذي يعيشه مع والديه وزملائه وبين القيم والمثل التي يجب عليه ان يحتكم إليها في تصرفاته وتأثيره وحكمه على الأشياء.
* إتاحة الفرصة للفرد للإنتماء لجماعة الرفاق وإشباع حاجاته الاجتماعية كالمحبة والأمن, وحب الظهور.
تحصين الفرد من الإنحراف السلوكي بإفهامه الواقع الذي يعيشه وتعميق في نفسه مفهوم التدين.
* تلقين الفرد التراث الثقافي والحضاري للمجتمع, وتعميق الإنتماء الحضاري والتمسك بقيمه والدفاع عنه ونشره, عن طريق دراسة تاريخ الأمة, وتحليل قيمها والوقوف على عظمتها.
* الانتقال من المجتمع المحدود (الذي يتركز حول الطفل) إلى المجتمع الواسع(الذي يظم الكثير من الرفاق).
* تدريبه كيف يحقق أهدافه بنفسه, والمثابرة والمصابرة في ذلك, بطريقة تتفق مع المعايير الاجتماعية.
* بناء علاقة فعالة بين الأسرة والمدرسة بما يضمن التعاون بين هاتين المؤسستين في عملية التنشئة, عن طريق الإتصال الدائم بينهما وتنظيم هذا الإتصال. كإيجاد مجالس الآباء والمعلمين مثلا.
* تحديد أنماط التنشئة الاجتماعية الفعالة, التي يتبناها الأساتذة في علاقاتهم مع تلاميذهم في حجرة الدراسة. بما يكفل تشكيلا اجتماعيا سليما داخل المدرسة.
د- أهداف التنشئة على مستوى المجتمع:
يمكن أن نجمل أهداف أهداف التنشئة على مستوى المجتمع فيما يلي:
* تحقيق التماسك الاجتماعي بين مختلف طبقات المجتمع وفئاته العرقية عن طريق تعميم قيم التسامح والتساوي والعدل بين الناس, وتعميق مفهوم أداء الحقوق والإعتراف بحريات الآخرين في المجتمع.
* تنمية روح الإعجاب والتقدير في نفوس المواطنين نحو المجتمع الذي ينتمون إليه بشكل يجعلهم يحبونه ويدافعون عنه ويعتزون به.
* معالجة مشاكل العنف والعدوان في المجتمع, والتقليل من هذه الظاهرة قدر الإمكان.
* محاربة أشكال الفقر والضياع النفسي والاجتماعي والسلوكي والفكري, التي يعاني منها المجتمع. عن طريق التوعية والتربية الراشدة, وتنمية روح الإبداع العمل.
* تعبئة طاقات المجتمع البشرية للقيام بأعباء التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الشاملة للمجتمع, بواسطة تنمية دافعية العمل في نفوسهم.
* معالجة أنواع الانحراف الاجتماعي من جذورها, كالسرقة والزنا والخيانة, والنفاق والكذب والإفساد في الأرض....
* تجديد المعايير والقيم الاجتماعية, بما يتفق والتطور الذي يحدث في المجتمع, ويلبي حاجات المجتمع.
* تحقيق الاستقرار المنشود للمجتمع. ذلك الاستقرار الذي يمكن المجتمع من التفرع\غ لعلاج المشاكل, وتذليل العقبات التي تحول دون البناء.
مراحل التنشئة الاجتماعية:
نمو الطفل يتم عبر مراحل متباينة, وكل مرحلة من هذه المراحل لها خصوصياتها البيولوجية والعقلية والنفس اجتماعية وعملية التنشئة الاجتماعية تتجاوب مع كل مرحلة من هذه المراحل, حتى يشتد الفرد ويصل مرحلة النضج الاجتماعي المتكامل.
وقد إختلف العلماء والباحثين في وصف وتعداد هذه المراحل التي تمر بها عملية التنشئة الاجتماعية للطفل, تبعا لاختلاف منطلقاتهم الفكرية في تفسير عملية التنشئة الاجتماعية وسنعرض آراء العلماء في هذا الشان كما يلي:
أولا: وجهة النظر المعرفية: ذهب بياجيه piget إلى أن الطفل يمر بست مراحل قبل ان يدرك ذاته ويعلم أن للموضوعات الخارجية وجودا مستقلا.
المرحلة الاولى:
وتبدأ هذه المرحلة بولادة الرضيع ولمسه لثدي أمه وتنشا لدى الطفل حينئذ احساسات معينة نتيجة هذه الملامسة. ولكن الذي يؤخذ على هذا الكلام هو انه ليس هناك أدلة تثبت أن الطفل يفكر بهذه الاحاسيس.
المرحلة الثانية:
في هذه المرحلة تبدأ تظهر العادات الآلية كرؤية الطفل الأشياء المحسوسة أمامه. وكذلك يظهر بعض الإحساس والإدراك, نتيجة ملامسة الموضوعات المطروحة أمامه, والتصاق جسمه بجسم أمه.
المرحلة الثالثة:
تبدأ هذه المرحلة من الشهر الثالث حتى السادس, ويتطور فيها إدراك الطفل لما يقع تحت حواسه, كما أنه يستطيع التنسيق بين الموضوعات المطروحة أمامه, والتي يستقيها عن طريق حواسه كالرؤية واللمس والشم أحيانا, ولكن خلال الشهر الخامس إذا وقع أي شيء أمام الطفل مباشرة فإنه لا يقوم بأي مجهود ليتتبعه بعينه, وإذا أعطى أي شيء بطريقة غير عادية لا يستطيع أن يعيده على وضعه الطبيعي.
المرحلة الرابعة:
تبدأ هذه المرحلة من الشهر التاسع على الشهر العاشر. أين يتعلم الطفل البحث عن الأشياء التي تختفي أمامه ولكن لا يستطيع التمييز بين الأبعاد المكانية, أو بعبارة أخرى لا يستطيع إدراك اختلاف وضع الشيء من مكان إلى آخر.
المرحلة الخامسة:
وتكون هذه المرحلة ما بين الحادي عشر إلى الرابع عشر ففي هذه المرحلة يتطور إدراك الطفل أكثر, بحيث يتعلم تبين التغيرات التي تحدث في وضع الأشياء من مكان لآخر. ولكن هذا التمييز يكون عليه نوع من الضبابية بمعنى أنه يكون في صورة غير مكتملة.
المرحلة السادسة:
وتبدأ هذه المرحلة في الشهر الخامس عشر إلى الشهر التاسع عشر وفيها يكون الطفل باستطاعته تصور الأشياء في ذهنه وإعادة بناءها في ذاكرته. وهنا نستطيع القول أن الطفل لديه القدرة على إدراك الموضوعات المستدمجة, بنفس الطريقة -تقريبا- التي يدرك بها الراشدون الموضوعات الخارجية.
ثانيا: وجهة نظر التحليل النفسي:
ويعدد الاتجاه النفسي أربع مراحل تتم عبرها عملية التنشئة الإجتماعية.
المرحلة الفمية:
وتكون هذه المرحلة في السنة الأولى من عمر الطفل ويكون الفم هو مركز انفعال وإحساس الطفل, بحيث يعتمد على الفم إعتمادا كليا, وتكون الأم مصدرا للغذاء والدفء واللعب والإطمئنان والامتزاج النفسي. ويكون موقف الطفل من الواقع الذي يحيط به موقفا سلبيا, أي بالنسبة لامه وهذه هي المرحلة التي سماها فرويد (بالتوحد الأولى) وفي هذه المرحلة يكون الفم ممثلا للجذب الشبقي المبكر. وهذا يؤدي إلى وجود إرتباط إنفعالي قوي وحساس مع أمه. وفي هذه المرحلة يكون الطفل نرجسيا لأنه يستمد إشباعه وتحقيقة لذاته من خلال مصدر داني Oral وعلى الأخص الفم.
المرحلة الشرجية:
تأتي بعد المرحلة الفمية –من وجهة نظر التحليل النفسي- وهذه التسمية تعود إلى أن الطفل يحصل على خبراته في اللذة من خلال التبرز. وكذلك التدرب على عملية التبول أو الإخراج. وحتى في هذه المرحلة لا تزال الأم هي المسيطر والمصدر في نفس الوقت بالنسبة للطفل.
ويلاحظ في هذه المرحلة بوضوح أهمية تلك الحقيقة العامة التي تتعلق بالتنشئة الاجتماعية ومؤداها: انه غاليا ما يكون لأداة التنشئة دور مزدوج, فهي تتفاعل مع الطفل في نطاق محدود, كما أنها تتفاعل من جانب آخر مع جميع الأسرة.
المرحلة الأديبية:
وتبدأ هذه المرحلة من السن الرابعة والخامسة وتسمى أيضا المرحلة القصيبية, وهي تلك المرحلة التي ينشغل فيها الطفل بأعضائه التناسلية وينمو فيها الدافع الجنسي لدى الطفل, ويتكون الحب لدى الطفل لأنه لدرجة -كما يرى أصحاب هذه النظرية- أنه يغير من أبيه لأنه يراه منافسا له على أمه, كما تظهر بوادر التمايز بين الذكر والأنثى في هذه المرحلة, بسيادة الذكر وتبعية الأنثى في الأسرة.
ويرى أصحاب هذه النظرية أنه في هذه المراحل تتجدد شخصية الطفل.
مرحلة الرشد:
وهذه المرحلة تمثل مرحلة النضج الاجتماعي للفرد أين يكون الإنسان بإمكانه تحمل المسؤوليات الاجتماعية بشكل كامل. وتعتبر عملية التنشئة الاجتماعية عملية سهلة ويسيرة بالنسبة للراشدين وذلك للإعتبارات التالية:
* تكون التنشئة الاجتماعية للراشدين عادة من اجل التكيف مع الأوضاع الجديدة لتحقيق الأهداف.
* يكون الدور الجديد الذي يحاول إدماجه, مشابها إلى حد كبير للأدوار التي أدمجها من قبل.
* سهولة اتصال أجهزة التنشئة به عن طريق اللغة إلا أن ها الأمر ليس في كل الحالات لان عملية التنشئة الاجتماعية للراشدين قد تواجه صعوبات الأنماط السلوكية القديمة في شخصية الإنسان, واختلاف الخبرات الاجتماعية, ونموذج التفكير واختلاف المحيط الاجتماعي من مكان لآخر, ومن زمن لآخر.
ثالثا: إلى أن هناك من يرى لعملية التنشئة الاجتماعية مراحل أخرى تمر بها غير التي ذكرتها وجهة نظر المعرفية أو التحليل النفسي فهناك من يرى أن عملية التنشئة الاجتماعية تتم من خلال المراحل التالية:
المرحلة الذاتية:
وفي هذه المرحلة يتعلم الطفل أن يتكيف مع مطالب محيطه الاجتماعي, وحاجاته البيولوجية. كما انه يقبل المعاني والقوانين والمعايير الاجتماعية التي يضعها الكبار لتنظيم حياته الاجتماعية. وهذه الإستجابة التلقائية تجعل الطفل في موقف مريح وقادر على التكيف الاجتماعي.
المرحلة المطلقة:
أهم ما يميز هذه المرحلة هو النمو الحركي للطفل وبشكل يجعله يستقل في تنقله من مكان لآخر عن الكبار, وهذا الأمر يتيح له إيجاد علاقات اجتماعية جديدة تؤدي به إلى اكتساب مهارات جديدة. كما يتيح له حرية السلوك والتصرف بعيدا نسبيا عن رقابة الكبار.
وتتعدل معاني الأشياء بتغير توقعاته, وتتمايز الأشياء والعلامات التي تحدد استجابات الطفل بحيث مما يؤدي إلى تعديل سلوكه بحسب قيم الكبار وعاداتهم والمعاني التي حددوها للمواقف المختلفة التي يواجهها الطفل في حياته اليومية.
مرحلة التعامل المشترك بين الطفل والأفراد الآخرين:
وهذه المرحلة تكون مرحلة الكسب الواسع للمهارات والخبرات الاجتماعية بالنسبة للطفل أين تتسع علاقاته الاجتماعية مع مختلف الفئات الاجتماعية, وهذا التعلم والنقل يحدث عن طريق الثواب والعقاب والرضى والسخط مما يؤدي بالطفل لان يتبنى اتجاهات الكبار حتى ينال رضاهم. وأساسا هذه المرحلة هو النمو العقلي والغوي للطفل.
ويترتب عن سلوك الطفل في هذه المرحلة أمران:
* أن يصبح الطفل واعيا بذاته عن طريق انتباهه لاتجاهات الغير نحوه
* ان يكون الطفل بهذه الطريقة مجموعة من الاستجابات المنظمة نحو اتجاهات الآخرين.
نظريات التنشئة الاجتماعية: 1- نظرية سياسة عدم التدخل: تستند هذه الفكرة إلي العلماء (جان جاك روسو – بستالوزي – فروبل – جيزويل ) تؤكد هذه النظرية أن للفرد قدرة فطرية من الطبيعية يمتلكها منذ الولادة تؤهله في عملية النمو بمفرده، وان تدخل الآباء والأمهات والمعلمين وغيرهم تفقد هذه الطبيعة و ينعكس سلباً على نموهم و رعايتهم و عليهم عدم التدخل أو وضع أهداف قسرية لهم بل عليهم تهيئة بيئة مناسبة يأخذ بها الطفل حريته بالتوجه إلى النشاطات فإذا وجد الطفل الأبواب لإشباع حاجاته فإنه ينمو نمواً سليماً . 2- نظرية تشكيل الطفل: تستند هذه النظرية لفكرة (جون لوك) التي شبه فيها الطفل بالصفحة البيضاء الخالية والطفل بهذا المعنى فارغ العقل يمكن تزويده بأي محتوى ذهني ويمكن ملؤه بأفكار مشتقة من الخبرات وحدها فالطفل يأتي لهذه الدنيا لطبيعة فطرته غير مشكلة وعلى الآباء والأمهات والمعلمين والمربون تشكيلها كما أرادوا وذلك باستخدام جداول التعزيز والعقاب. فعملية التنشئة تهدف إلى تعليم الطفل السلوك الاجتماعي المناسب من خلال توجيهه وقيادته نحو شخصيه اجتماعية سليمة ليصبح قادراً على ممارسة دوره في مجتمعه ويكون عضو نشيط ومقبول. 3- نظرية الصراع : تستند هذه النظرية لمبدأ الخطيئة التي يؤيده كثيراً من الفلاسفة والوعاظ ومنهم (توماس هوبز) حيث يفسرون أن الطفل لديه طبيعة فاسدة وقد أتى إلى هذه الدنيا بطبيعة متوحشة وحاجات ورغبات وغرائز بهيمية فطرية مما يحفزهم لإشباع غرائزهم البهيمية الفجة التي تتعارض ومتطلبات الجماعة التي ينتمي لها الطفل لذلك يأتي دون التنشئة الاجتماعية على يد الأبوين منذ اللحظة الأولى لتحطيم إرادته البهيمية وكبح غرائزه وتنظيم وضبط دوافعه وإرادته الطبيعة وإجباره على بني سلوكيات من طراز غير فطري موافقة لرغبات المجتمع.
حـق الطفـل فـي التنشئـة الاجتماعيـة والتعليـم:
يمكن وصف عملية التنشئة الاجتماعية بأنها العملية التي تتشكل فيها معايير الفرد ومهاراته ودوافعه واتجاهاته وسلوكه لكي تتوافق مع تلك التي يعتبرها المجتمع مرغوبة ومستحسنه لدورة الراهن أو المستقبل في المجتمع.
والدكتور سعد الدين إبراهيم يعرفها بأنها العملية المجتمعية التي يتم خلالها تشكيل وعي الفرد ومشاعره وسلوكه وعلاقاته بحيث يصبح عضواً فاعلاً ومتفاعلاً ومنسجماً ومنتجاً في المجتمع.
أما الدكتور حامد زهران فيعرفها بأنها عملية تعليم وتعلم وتربية، تقوم على التفاعل الاجتماعي وتهدف إلى اكتساب الفرد طفلاً فراشداً شيخاً سلوكاً ومعايير واتجاهات مناسبة لأدوار اجتماعية معينة، تمكنه من مسايرة جماعته والتوافق الاجتماعي معها وتكسبه الطابع الاجتماعي وتيسر له الاندماج في الحياة الاجتماعية. إذ أنها عملية تشكيل السلوك الاجتماعي للفرد وهي عملية إدخال ثقافة المجتمع في بناء الشخصية.
التنشئة الاجتماعية في الفكر التربوي الإسلامي: لقد اهتم الإسلام اهتماماً بالغاً بالطفولة باعتبارها صانعة المستقبل المنشود للأمة ونجد ذلك واضحاً في الآيات القرآنية الكريمة والتي منها:- v "المال والبنون زينة الحياة الدنيا " v "وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيراً" ويبرز أهمية السنة النبوية بموضوع الأطفال والطفولة وخاصة المتعلق بالتنشئة الاجتماعية منذ اختيار الزوجة الصالحة ومروراً بتسمية الطفل باسم حسن والاهتمام برعايته وإرضاعه والحرص على بناء شخصيته في جوانبها الاجتماعية والنفسية والفكرية والأخلاقية ويتمثل ذلك في بعض الأحاديث النبوية الشريفة التالية :- 1- عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"تخيروا لنطفكم وانكحوا الأكفاء". 2- ويبرز أهمية الاهتمام بالطفل منذ الميلاد فيما روى ابن عباس رضي الله عنه أن النبي(ص) :"أذن في أذن الحسن بن علي يوم ولد وأقام في أذنه اليسرى". 3- واهتم الرسول (ص) باسم الطفل لأن ذلك يؤثر على نفسيته يقول عليه وسلم أنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وبأسماء آبائكم فأحسنوا أسماءكم. 4- وفي مجال الحنان والحب ووجوب توفراهما للطفل يبرز فيما رواه البخاري أن أبا هريرة رضي الله عنه قال قبل رسول الله (ص) الحسن بن علي وعنده الأقرع بن حابس التيمي جالس فقال الأقرع:- إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحداً فنظر رسول الله (ص) ثم قال:"من لا يَرحم لا يرحم". 5- ولأهمية العدل بين الأبناء يقول (ص):" اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم".
أساليب التنشئة الاجتماعية في الإسلام
ويقترح العلماء مجموعة من الأساليب يمكن أن تؤدي هذا الغرض
1- أسلوب القدوة:
النموذج السلوكي الواقعي يفعل في نفس الطفل ما لا يفعله القول الكثير, ولذلك قال الله عز وجل "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنه لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا"
فمن الخطأ أن ينهى الإنسان عن شيء وهو يأتيه أو يأمره بفعل شيء وهو لا يأتيه.
2- التذكير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
فالإنسان بطبيعته ينسى ويغفل فجعل الإسلام من أساليب التنشئة الاجتماعية التذكير الدائم بأمر الله وحدوده وأوامره ونواهيه. قال الله عز وجل:"وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين".
كما حض على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجعله المصل الذي يقي شخصية الفرد من التصدع. واستفحال الورم. قال الله عز وجل : "ولكتن منكم أمة يدعون للخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون ".
3- الوعظ والنصح:
من الأساليب المهمة في التنشئة أسلوب الوعظ والإرشاد وإحياء الضمائر الميتة وهز وشحن العواطف البليدة, وتوجيه النصح لتعديل سلوك وتقويم الأخلاق. قال الله عز وجل: "نعما يعظكم به".
4- أسلوب القصة:
القصة عبارة عن تركيب الأحداث الماضية تركيبا ذهنيا نظريا وتقديمها للناس للاعتبار والتعلم والاستفادة من الماضي للنجاح في الواقع. وللقصة تأثيرها في النفوس من ناحية كونها تعيد صياغة الماضي في شكل تجارب وعبر ودروس.
وقد نبه القرآن الكريم إلى هذا الأمر, إذ نجد الكثير من الآيات تسرد قصصا للأمم السابقة. قال الله عز وجل:"نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين".
5- أسلوب التنشئة بالعادة:
يقول الرسول r : "كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه...:
ومن هذا الحديث يتبين لنا دور التنشئة الاجتماعية للطفل. عن طريق تربية العادات الحسنة فيه وتدريبه عليها حتى يألفها وتصبح سلوكا تلقائيا في شخصيته.
قال رسول الله r : "لئن يؤدب الرجل ولده خير من أن يتصدق بصاع....".
6- أسلوب التنشئة بالعقوبة:
العقوبة ليست هي المرحلة الأولى في التنشئة الإسلامية, ولا هي صالحة لكل الناس, فهناك صنف من الناس تكفيه النظرة المتوعدة, وهناك من ينتبه من كلمة طيبة, وهناك من يتبلد حسه, ولا تنفع معه موعظة ولا قدوة ولا نصيحة, ويتمادى في انحرافه وابتعاده عن الخلق الفاضل, وفي هذه الحالة لا بد من الزجر وتسليط العقوبة حتى ينتبه ويصح من غفلته, ويستجيب لدواعي التنشئة السليمة, ويستقيم مع القيم الفاضلة. قال رسول الله r:"علموا أولادكم الصلاة لسبع واضربوهم عليها لاثني عشر".
7- التنشئة بالملاحظة:
والمقصود بها تربية الطفل عن طريق القدوة الحسنة, والنموذج السلوكي المستقيم الذي يجعل الفرد يتأثر به ويقلده طواعية ودون التعرض لأي ضغط من أي نوع كان. فهو يمثل السلوك الماثل أمامه عن طريق التقمص والتقليد. قال الله عز وجل: "يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون...".
8- التنشئة بالأحداث:
ميزة هذا الأسلوب انه يملك فن الإثارة في النفس, حتى تنصهر النفس مع الحدث وتتفاعل معه بشكل يجعلها تعيشه بكل معطياته.
كما أن منهج القرآن في التنشئة الاجتماعية يعتمد على الأحداث. فكل حادثة يترك الله عز وجل الصحابة يعيشونها ثم ينزل القرآن الكريم بالتوجيه والبيان ومثال ذلك ما وقع قي غزوة بدر وأحد.....
المراجع
1- التنشئة الاجتماعية والسلوك الإنحرافي لتلاميذ الثانوية
2- الاخصائي النفسي/محمد أبو يوسف/فلسطين/غزة
3- حـق الطفـل فـي التنشئـة الاجتماعيـة والتعليـم, موقع الحصن النفسي
| |
|