وسائل وأسباب زيادة الرزق :
هل من وسائل ذكرها القرآن الكريم ، أو هل من أسباب بيّنها الكتاب في زيادة الرزق ، وكما تعلمون الإنسان حريص حرصاً لا حدود له على بقائه ، وعلى سلامة وجوده ، وعلى كمال وجوده ، وعلى استمرار وجوده ، وعلى رزقه :
1 – الاستقامة على أمرِ الله :
الله عز وجل يقول :
) سورة الجن ) .
أول أسباب زيادة الرزق الاستقامة على أمر الله ، فقد يحرم المرء بعض الرزق بالمعصية .
إن بيتا تؤدى فيه الصلوات ، ومحلا تجاريا فيه غض بصر ، فيه ضبط لسان ، فيه إقامة صلوات ، هذا البيت والمحل التجاري مرزوقان .
) سورة الجن ) .
أحد أكبر أسباب زيادة الرزق الاستقامة .
( سورة فصلت ) .
الحزن مع الإيمان بالله مستحيل ، الأمر بيده ، وهو معنا يسمع ويرى ، ويعلم ، والأمر كله بيده ، لذلك :
كن مع الله تـر الله مع واترك الكل وحاذر طمعك
و إذا أعطاك من يمنعه ثم من يعطي إذا ما منعـك
***
فتعليق الأمل بالله عز وجل ، والاستقامة على أمره أحد أسباب زيادة الرزق .
2 – الإيمان والتقوى :
قال تعالى :
( سورة الأعراف الآية : 96 ) .
أحياناً تنزل أمطار ما ينزل في عام بأكمله يمكن أن ينزل في ليلة واحدة .
( سورة الأعراف الآية : 96 ) .
مرة كنت أستمع إلى حوار صاحِبَيْ معملي تطريز ، قال له : بعنا بيعًا يخيف ، قال له : ما السبب ؟ قال : الأمطار هذا العام كانت غزيرة ، الرزق في السماء .
أيها الإخوة ، الآن الإيمان والتقوى أحد أسباب زيادة الزرق ، وكل مؤمن حريص على أن يكون رزقه وفيراً ، هذا شيء مكنوز في أعماقك ، لذلك عليك أن تستقيم على أمر الله ، الآية الدقيقة :
( سورة الزمر )
عليك أن تعبد الله ، وعلى الله الباقي .
هناك معنى دقيق جداً :
] بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ [
عليك أن تعبد الله ، والله سبحانه وتعالى يتولى أن يرزقك رزقاً وفيراً فاشكر بعدها .
( سورة الزمر )
أنا لا أريد لإنسان يؤمن بالله أن ييئس ، أن يشعر بالإحباط ، أن يقول : الأمور صعبة جداً ، على الله ليس هناك شيء صعب ، على الله كله يسير ، ما عليك إلا أن تستقيم على أمره .
3 – الصلاة :
الآن أحد أسباب زيادة الرزق :
( سورة طه )
( سورة طه )
الأب أحياناً يسأل : أتناول ابنه الطعام قبل أن ينام ؟ تقول له أمه : أكل ، هل كتب وظائفه ؟ نعم ، كتب ، وقلّما يسأل امرأته : هل صلى العشاء ؟
( سورة طه )
البيت الذي تؤدى فيه الصلوات بيت مرزوق ، المحل الذي يصلي أفراده الصلوات الخمس محل مرزوق .
( سورة طه )
واصطبر على أدائها .
(( علموا ، ولا تعنفوا فإن المعلم خير من المعنف )) .
[ الجامع الصغير عن أبي هريرة بإسناد ضعيف ]
هذا سبب ثالث لزيادة الرزق أن تقام الصلوات في البيت وفي العمل .
4 – الاستغفار :
شيء آخر ، هناك رجل جاء إلى بعض العلماء يشكو له عدم الإنجاب ، قال له : استغفر الله ، إنسان آخر يشكو له من مشكلة فيما بينه وبين أهله ، قال : استغفر الله ، وإنسان سأله أن المطر لا تهطل ، فقال له : استغفر الله ، قال : عجبت لك يا إمام ، أو كلما سألك إنسان تقول له : استغفر الله ، قال : اسمع قوله تعالى :
( سورة نوح)
هذا كلام خالق السماوات والأرض ، وزوال الكون أهون على الله من ألاّ يحقق وعوده للمؤمنين .
أيها الإخوة الكرام ، المسلمون ينعمون في بحبوحتين ، بحبوحة اتباع سنة رسول الله وبحبوحة الاستغفار ، الدليل :
( سورة الأنفال)
5 – اتباع سنة النبي عليه الصلاة والسلام :
معنى الآية بعد انتقال النبي عليه الصلاة والسلام إلى الرفيق الأعلى : أي يا محمد ، ما دامت سنتك مطبقة في بيوتهم ، وفي أعمالهم ، وفي كسب أموالهم ، وفي إنفاق أموالهم ، وفي حلهم وترحالهم ، وفي أفراحهم وأتراحهم ، مادامت سنتك مطبقة فيهم فأمتك في مأمن من عذاب الله ، فإذا عذبت أمة محمد عليه الصلاة والسلام فهذا دليلُ عدمِ تطبيق السنة .
( سورة الأنفال)
مستحيل وألف ألف مستحيل أن تعذب أمته ومنهج النبي عليه الصلاة والسلام مطبَّق فيها ، هذا المعنى يذكرنا بأن النبي عليه الصلاة والسلام قال :
(( يَا مُعَاذُ ، وَمَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ ؟ قُلْتُ : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، قَالَ : فَإِنَّ حَقَّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ ، وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ، وَحَقَّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ أَنْ لَا يُعَذِّبَ مَنْ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا ))
[ متفق عليه عن معاذ ]
أنشأ الله لك حقاً عليه إذا عبدته ؛ لك حق عليه ألا يعذبك ، لذلك :
( سورة المائدة)
هذه دعواهم :
( سورة المائدة)
وإذا قال المسلمون : نحن أمة محمد ، يقال لهم قياساً على هذه الآية :
( سورة المائدة)
الإمام الشافعي يقول : " لو أن الله قبِل دعواهم لمّا عذبهم ، لأن الله لا يعذب أحبابه " ، فكن مع الله تر الله معك .
أيها الإخوة الكرام ، نحن في بحبوحة أخرى :
( سورة الأنفال)
( سورة الأنفال)
نحن في بحبوحتين ؛ بحبوحة طاعة رسول الله ، وبحبوحة الاستغفار .
( سورة نوح)
6 – صلة الرحم :
أيها الإخوة ، سبب آخر لزيادة الرزق في الحديث الشريف الصحيح يقول عليه الصلاة والسلام :
(( مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ ـ أي في أجله ـ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ )) .
[ البخاري ، مسلم ، أبو داود ، أحمد ]
أحد أسباب زيادة الرزق أن تصل رحمك ، وأن تعفو عمن ظلمك ، فلذلك أنا أضع بين أيدكم قواعد من كتاب الله ومن سنة رسول الله لزيادة الرزق ، وشيء معروف عند كل الناس أن الابن إذا كان باراً بإخوته وأخواته فله رزق وفير ، وأيّ إنسان يخرج من ذاته لرعاية مَن حوله مِن أقربائه فهذه صلة للرحم .
من السذاجة أن نتوهم أن صلة الرحم أن تطرق باب قريبك في العيد ، وتسلم عليه ، وتعود إلى بيتك ، صلة الرحم تبدأ باتصال هاتفي ، تمر بزيارة ، بتفقد الأحوال ، بمساعدة ، بدلالة على الله ، فإذا اتصلت به وزرته ، وتفقدت شؤونه وأعنته ، ثم دللته على الله فهذه هي صلة الرحم .
وصلة الرحم ضمان اجتماعي على المستوى القرابة ، ورعاية الجار ضمان اجتماعي آخر على مستوى الجغرافيا ، فأنت لك أقرباء ، ولك جيران ، فالله عز وجل أوصاك بأقربائك ، وأوصاك بجيرانك ، وهذا النظام تضامن اجتماعي في الإسلام ، لذلك :
(( مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ ـ أي في أجله ـ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ )) .
[ البخاري ، مسلم ، أبو داود ، أحمد ]
7 – إقامة القرآن :
أيها الإخوة الكرام ، سبب آخر لزيادة الرزق يقاس على آية ، قال تعالى :
( سورة المائدة الآية : 66 ) .
المسلمون القرآن ، ونقول للإخوة المسلمين : لو أن المسلمين أقاموا القرآن الكريم في بيوتهم لأكلوا مِن فوقهم ، ومِن تحت أرجلهم ، هذه آيات دالة على عظمة الله ، وهذه آيات مبشرة ، اقرأ القرآن الكريم ، وانظر إلى البشريات التي فيه لمَن استقام على أمر الله .
وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ
لكن كفكرة سلبية في هذا الدرس ، قال تعالى :
[ سورة البقرة ]
سمّى الله مال أخيك مالك ، من زاوية واحدة ، من زاوية وجوب الحفاظ عليه ، كيف أنك تحافظ على مالك .
للتقريب : لو أنك أعرت مركبتك لصديقك تقول له : اجعلها كأنها مركبتك ، أي : اعتني بها .
( سورة البقرة )
لا تأكل مال أخيك ، لأنه يجب أن يكون بمثابة مالك من زاوية واحدة لا من زاوية أكله ، بل من زاوية الحفاظ عليه ، لذلك كل أنواع الغش في البيع والشراء من باب أكل أموال الناس بالباطل ، كل أنواع التزوير ، الإيهام ، الاحتكار ، معاصي البيع والشراء تزيد على مئة ، كل أنواع المعاصي في البيع والشراء تحت قوله تعالى :
( سورة البقرة )
إذا أوهمت المشتري أن البضاعة من مصدر معين ، وهي من مصدر آخر فهو أكلُ مالٍ بالباطل .
( سورة البقرة )
أيها الأخوة ، هذا أيضاً من تماماً الاستقامة على أمر الله :
( سورة البقرة )
هناك سبعمئة ألف دعوى كيدية في قصر العدل ، كلها من أجل أكل أموال الناس بالباطل ، لو أنصف الناس لاستراح القاضي ، وبات عن خليطه راضيا .
خاتمة :
أيها الإخوة الكرام ، لا بد من التأكيد أن الاستقامة على أمر الله ، والإيمان بالله ، والتقوى ، وصلة الرحم ، وإقامة منهج رسول الله ، والاستغفار هذه كلها من أسباب زيادة الرزق ، وكل واحد منا حريص على زيادة رزقه ، ولكن الشيء الذي ينبغي أن يكون واضحاً جداً هو أن الله قطَع البشر عن أن يكون لهم دور في إنهاء حياة بعضهم بعضاً ، وفي رزق بعضهم بعضاً ، كلمة الحق لا تقطع رزقاً ، ولا تقرب أجلاً ، ومن ابتغى أمراً بمعصية كان أبعد مما رجا ، وأقرب مما اتقى ، وما عند الله لا ينال بمعصية الله ، ومستحيل وألف ألف مستحيل أن تطيعه وتخسر ، ومستحيل وألف ألف مستحيل أن تعصيه وتربح ، ومستحيل وألف ألف مستحيل أن تطيعه وتذل ، وأن تعصيه وتعز ، سبحانك لا يذل من واليت ، ولا يعز من عاديت ، وهذه وسائل السلامة والسعادة ، وزيادة الرزق ، والله سبحانه وتعالى هو الرزاق ، ولكن للرزق له قواعد بينها القرآن الكريم ، وبينتها سنة سيد المرسلين .
والحمد لله رب العالمين