** التنظيـم l'organisation**
مقدمة
تسعى الدول لتحقيق التنمية ومواكبة التطور وإكتساب مكانة في العالم الإقتصادي ويكون ذلك من خلال المؤسسة بإعتبارها الوحدة الأساسية لممارسة الأنشطة الإقتصادية حيث يؤثر حسن التسيير وفعالية الأداء في المؤسسة على الاقتصاد الوطني ككل، ولتحقيق هذه الغاية أصبح من الضروري على المؤسسات الوطنية في ظل التحولات الاقتصادية التي عرفتها في الآونة الأخيرة الخروج من الإقتصاد الموجه والدخول إلى إقتصاد السوق.
سيتم التطرق في هذا البحث إلى موضوع تسيير المؤسسات العمومية الإقتصادية الجزائرية في ظل إقتصاد السوق بإعتباره أهم الوسائل التي تعتمد عليها الدول المتقدمة في تطوير إقتصادها.
ويهدف هذا العمل إلى التركيز على أهم الوظائف الإدارية وهي التنظيم.
- إلقاء الضوء على مفهوم التنظيم ومبادئ التنظيم.
- تبيان أهمية التنظيم في المؤسسة.
- إلقاء الضوء على مختلف التحولات الإقتصادية التي طرأت على تسيير المؤسسات الجزائرية.
على ضوء ما تقدم يمكن إبراز إشكالية هذا البحث من خلال التساؤل الرئيسي التالي:
- ما هي وضعية التنظيم في المؤسسة الإقتصادية الجزائرية في ظل إقتصاد السوق؟.
وقد تفرع عن هذا التساؤل عدة تساؤلات جزئية سنجيب عليها في بحثنا هذا.
يمثل التنظيم الوظيفة التسييرية الثانية التي تأتي بعد التخطيط لكون أن وظيفة التخطيط ينتج عنها القرار الأمثل أ ما يعرف بخطة المؤسسة: المتمثلة في تقرير أو بيان بأنواع الوسائل ومختلف التصرفات المتبعة من طرف المسيرين للوصول إلى الأهداف المراد تحقيقها، فبعد وضع الخطة يتوجب على المؤسسة القيام بتنفيذها. ولتسهيل هذه العملية تقوم المؤسسة بتصميم مجموعات عمل، أقسام وإدارات تعمل بشكل متناسق فيما بينها وذلك بتوزيع المهام والمسؤوليات على مختلف المسيرين، وتحديد السلطة اللازمة والضرورية لهم، وهذا ما يعرف بالتنظيم الذي أعطيت له عدة تعاريف من بينها مايلي:
1/ التعريف الأول:
عرفه هنري فايول* Henry Fayol بأنه وظيفة تمثل جميع الأنشطة التي يقوم بها المدير من ناحية ترتيب الموارد الإقتصادية وتجميعها لتحقيق الأهداف بأقل التكاليف1.
2/ التعريف الثاني:
مجموعة العمليات التي تسمح بخلق هياكل تنظيمية تساعد مجموعة الأفراد على العمل جماعياً وبفعالية، بهدف تحقيق الأهداف الموضوعة2.
3/التعريف الثالث:
عملية تحديد العلاقات الضرورية بين الأفراد والمهام والأنشطة بطريقة تؤدي إلى إحداث التكامل والتنسيق بين مختلف موارد التنظيم وذلك بغرض إنجاز الأهداف بكفاءة وفعالية3.
من خلال التعارف السابقة يتضح أن التعريف العام للتنظيم يتمثل في كونه عملية توزيع الأنشطة الضرورية والتي تتطلب توزيع للمسؤوليات، وتفويض للسلطة حتى يتم تحقيق الأهداف المبتغاة الموضوعة من طرف الخطة.
أهمية التنظيم.
إن المؤسسات وجدت لخلق الفوائض والمنافع، وكذا تبقى تستمر،تنمو وتتطور وهذا لا يمكن تحقيقه بواسطة فرد واحد أو مجموعة من الأفراد يعمل كل منتهم بطريقة مستقلة، ولذا يتعين على المسيرين تنظيم الأنشطة والمهام لان هذا يسمح بـ1:
- تحسين ورفع نوعية وجودة العمل المنظم لأن التنظيم يجعل جماعات الأفراد تعمل معاً بشكل منسق ومتكامل وبالتالي تحقيق أفضل الأداءات من خلال تضافر الجهود والتعاون بين الجماعات والأفراد.
- جعل علاقات السلطة واضحة ابتداء من قاعدة الهرم التنظيمي إلى قمته فيكون الفرد على علم بمن يحدد ما يقوم به من عمل، من يشرف عليه، من المسؤول أمامه، وهكذا تكون مجهودات الأفراد أكثر فعالية خاصة بعد تحديد المسؤوليات وتوضيح علاقات السلطة.
- تسهيل عملية الإتصال بحيث يبين التنظيم مجرى ومنافذ الإتصال من القمة إلى القاعدة.
- يهيئ التنظيم الجو الملائم لتدريب أعضائه وتنمية مواهبهم وتزويدهم بما هم بحاجة إليه من أسباب بما يحفزهم ويضاعف إخلاصهم وولائهم، ويشكل تصرفاتهم وما يتخذونه من قرارات وفقاُ للإطار الذي يرسمه لذلك الغرض2.
المطلب الثالث: فوائد التنظيم
لا شك في أن للتنظيم فوائد متعددة يمكن توضيح أهمها فيما يلي:
- توزيع الأعمال والأنشطة بشكل عملي.
- يقضي التنظيم على الإزدواجية في الإختصاصات.
- يحدد التنظيم العلاقات بين العاملين بشكل واضح.
- يخلق التنظيم تنسيقاً واضحاُ بين الأعمال.
- يسمح التنظيم بسير الأعمال في أحسن ما يرام.
خاتمة
لقد تمت المحاولة من خلال هذا الحث دراسة مشكلة لها وزنها في الإقتصاد الوطني وبالخصوص في حياة المؤسسات العمومية المتمثلة في كيفية تسيير وتنظيم هذه المؤسسات في ظل إقتصاد السوق، حيث تكمن أهمية التنظيم في أنه أحد أهم الوسائل التي تعتمد عليها الدول المتقدمة في تطوير إقتصادها، لذا كان العمل يهدف إلى إيضاح عملية التنظيم وأهميته ضمن التحولات الإقتصادية التي شهدتها المؤسسات العمومية الجزائرية.
ومن خلال هذا البحث تبين واقع عملية التسيير والتنظيم في المؤسسات العمومية الإقتصادية في ظل إقتصاد السوق، وهذا ما تؤكده فرضية الأساس التي مفادها: المؤسسة الإقتصادية الجزائرية تعاني من سوء التسيير رغم كل التحولات والتصحيحات التي قامت بها الدولة من أجل إضفاء التحسين على مستوى التسيير والتنظيم.
ومن خلال الدراسة النظرية لهذا الموضوع يمكن ذكر أبرز النتائج التي تم التوصل إليها:
- يكمن سر نجاح أي مؤسسة وأي علاقة في نمط التسيير المتبع للتنظيم وباقي الوظائف التسييرية: التخطي، الغدارة والرقابة، خاصة التنظيم.
وفي الختام، المؤسسة الإقتصادية وأي علاقة الآن تحاول أن تغدوا في ظل إقتصاد السوق، وكل مؤسسة أصبحت تتمتع بالاستقلالية العالية، أي أن كل مؤسسة مسؤولة وحدها على تواجدها وإستمراريتها وإحتلال مكانة مرموقة في السوق وهذا يتم إلا من خلال التنظيم الجيد، مما يفتح المجال للبحث في عدة مواضيع منها دراسة الأساليب والتقنيات التي يمكن أن تساعد المؤسسات الجزائرية للوصول إلى تسيير جيد.
بالتوفيق