سورة العصر
مكية وآياتها ثلاث آيات
بين يدي السورة
* سورة العصر مكية ، وقد جاءت في غاية الإيجاز والبيان ، لتوضيح سبب سعادة الإنسان أو شقاوته ، ونجاحه في هذه الحياة أو خسرانه ودماره.
* أقسم تعالى بالعصر وهو الزمان الذي ينتهى فيه عمر الإنسان ، وما فيه من أصناف العجائب ، والعبر الدالة على قدرة الله وحكمته ، على أن جنس الإنسان في خسارة ونقصان ، إلا من اتصف بالأوصاف الأربعة وهى (الإيمان ) و(العمل الصالح ) و(التواصي بالحق ) و(الإعتصام بالصبر) وهي أسس الفضيلة ، وأساس الدين ، ولهذا قال الإمام الشافعي رحمه الله : لو لم ينزل الها سوى هذه السورة لكفت الناس .
التفسير:
[والعصر إن الإنسان لفي خسر] أي أقسم بالدهر والزمان لما فيه من أصناف الغرائب والعجائب ، والعبر والعظات ، على أن الإنسان في خسران ، لأنه يفضل العاجلة على الآجلة ، وتغلب عليه الأهواء والشهوات ، قال ابن عباس : العصر هو الدهر، أقسم تعالى به لاشتماله على أصناف العجائب ، وقال قتادة : العصر هو آخر ساعات النهار، أقسم به كما أقسم بالضحى لما فيهما من دلائل القدرة الباهرة ، والعظة البالغة . . وإنما أقسم تعالى بالزمان ، لأنه رأس عمر الإنسان ، فكل لحظة تمضي فإنها من عمرك ونقص من أجلك ، كما قال القائل : إنـا لنـفرح بـالأيـام نـقـطـعـها وكل يوم مضى نقص من الأجل قال القرطبي : أقسم الله عز وجل بالعصر - وهو الدهر - لما فيه من التنبيه بتصرف الأحوال وتبدلها، وما فيها من الدلالة على الصانع ، وقيل : إنه قسم بصلاة العصر لأنها أفضل الصلوات .
]الا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ] أي جمعوا بين الإيمان وصالح الأعمال ، فهؤلاء هم الفائزون ، لأنهم باعوا شهوات الحياة ، بنعيم الجنة ، واستبدلوا الباقيات الصالحات ، بالشهوات العاجلات
[وتواصوا بالحق ] أي أوصى بعضهم بعضا بالحق ، وهو الخير كله ، من الإيمان ، والتصديق ، وعبادة الرحمن
[وتواصوا بالصبر] أي وتواصوا بالصبر على الشدائد والمصائب ، وعلى فعل الطاعات ، وترك المحرمات . . حكم تعالى بالخسار على جميع الناس إلا من أتى بهذه الأشياء الأربعة وهي : (الإيمان ، والعمل الصالح ، والتواصي بالحق ، والتواصي بالصبر) ، فإن نجاة الإنسان لا تكون ، إلا إذا كمل الإنسان نفسه بالإيمان ، والعمل الصالح ، وكمل غيره بالنصح والإرشاد، فيكون قد جمع بين حق الله ، وحق العباد، وهذا هو السر في تخصيص هذه الأمور الأربعة بالذكر ، في هذه السورة القصيرة.
البلاغه :
تضمنت السورة الكريمة وجوها من البديع والبيان نوجزها فيما يلي :
1- إطلاق البعض لإرادة الكل [إن الإنسان ] أي جنس الناس ، وجميع البشر ، بدليل الإستثناء ، والاستثناء معيار العموم.
2- التنكير للتعظيم [لفي خسر] أي في خسر عظيم ، ودمار شديد.
3-الإطناب بتكرار الفعل [وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر] لإبراز كمال العناية به.
4- ذكر الخاص بعد العام [وتواصوا بالصبر] بعد قوله [بالحق ] فإن الصبر داخل في عموم الحق ، إلا أنه أفرده بالذكر إشادة بفضيلة الصبر.
5- السجع غير المتكلف مثل [العصر، الصبر، خسر] وهو من المحسنات البديعية.
تنبيه :
أخرج البيهقي في الشعب عن "أبي حذيفة" وكانت له صحبة ، قال : كان الرجلان من أصحاب رسول الله (ص) إذا التقيا لم يتفرقا حتى يقرأ أحدهما على الآخر سورة [والعصر] ثم يسلم أحدهما على الآخر.
.....انتهى تفسير سورة العصر.....