سورة الفيل
مكية وأياتها خمس أيات
بين يدي السورة
* سورة الفيل مكية، وهي تتحدث عن قصة "اصحاب الفيل" حين قصدوا هدم الكعبة المشرفة ، فرد الله كيدهم في نحورهم ، وحمى بيته من تسلطهم وطغيانهم ، وأرسل على جيش "أبرهة الأشرم " وجنوده أضعف مخلوقاته ، وهي الطير التي تحمل في أرجلها ومناقيرها حجارة صغيرة، ولكنها أشد فتكا وتدميرا من الرصاصات القاتلة ، حتى أهلكهم الله وأبادهم عن آخرهم ، وكأن ذلك الحدث التاريخى الهام ، في عام ميلاد سيد الكائنات (محمد بن عبد الله ) صلوات الله وسلامه عليه ، سنة سبعين وخمسمائة ميلادية ، وكان من أعظم الإرهاصات الدالة على صدق نبوته (ص).
اللغه :
]أبابيل ] جماعات جماعات بعضها في إثر بعض ، قال الجوهري : وهو من الجمع الذي لا واحد له ، يقال : جاءت إبلك أبابيل أي فرقا وجماعات ، قال الشاعر : كـادث تـهد من الأصوات راحلتي إذ سالت الأرض بالجرد الأبابيل "
]سجيل ] طين متحجر
]عصف ] ورق الزرع بعد الحصاد كالتين وقشر الحنطة ، سمي عصفا لأن الريح تعصف به ، فتفرقه ذات اليمين وذات الشمال.
التفسير:
]ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ] أي ألم يبلغك أيها الرسول ، وتعلم علما يقينيا، كأنه مـشاهد بالعين ، ماذا صنع الله العظيم الكبير بأصحاب الفيل ، الذين قصدوا الإعتداء على البيت الحرام ؟ قال المفسرون : روي أن (أبرهة الأشرم ) ملك اليمن ، بنى(كنيسة) بصنعاء وأراد أن يصرف إليها الحجيج ، فجاء رجل من كنانة، وتغوط فيها ليلا، ولطخ جدرانها بالنجاسة إحتقارا لها، فغضب " أبرهة" وحلف أن يهدم الكعبة، وجاء مكة بجيش كبير على أفيال ، يتقدمهم فيل هو أعظم الفيلة، فلما وصل قريبا من مكة ، فر أهلها إلى الجبال ، خوفا من جنده وجبروته ، وأرسل الله تعالى على جيش أبرهة طيورا سودا، مع كل طائر ثلاثة أحجار ، حجر في منقاره ، وحجران في رجليه ، فرمتهم الطيور بالحجارة، فكان الحجر يدخل في رأس الرجل ، ويخرج من دبره فيرميه جثة هامدة، حتى أهلكهم الله ودمرهم عن آخرهم ، وكانت قصتهم عبرة للمعتبرين . قال أبو السعود : وتعليق الرؤية بكيفية فعله جل وعلا ]كيف فعل ] لا بنفسه بأن يقال : ألم تر ما فعل ربك " إلخ لتهويل الحادثة ، والإيذان بوقوعها على كيفية هائلة، وهيئة عجيبة، دالة على عظم قدرة الله تعالى ، وكمال علمه وحكمته ، وشرف رسوله ، فإن ذلك من الإرهاصات ، لما روي أن القصة وقعت في السنة التي ولد فيها النبي عليه الصلاة والسلام
]ألم يجعل كيدهم في تضليل ] أي ألم يهلكهم ويجعل مكرهم وسعيهم ، في تخريب الكعبة في ضياع وخسار؟ !
]وأرسل عليهم طيرا أبابيل ] أي وسلط عليهم من جنوده طيرا أتتهم جماعات ، متتابعة بعضها في إثر بعض ، وأحاطت بهم من كل ناحية
]ترميهم بحجارة من سجيل ] أي تقذفهم بحجارة صغيرة من طين متحجر، كأنها رصاصات ثاقبة، لا تصل إلى أحد إلا قتلته
]فجعلهم كعصف مأكول ] أي فجعلهم كورق الشجر، الذي عصفت به الريح ، وأكلته الدواب ثم راثته ، فأهلكهم عن بكرة أبيهم ، وهذه القصة تدل على كرامة الله للكعبة، لإنعامه على قريش ، بدفع العدو عنهم ، فكان يجب أن يعبدوا الله ، ويشكروه على نعمائه ، وفيها مع ذلك عجائب وغرائب ، من قدرة الله على الإنتقام من أعدائه ، قال في البحر : كان صرف ذلك العدو العظيم ، عام مولده السعيد عليه السلام ، إرهاصا بنبؤته ، إذ مجيء تلك الطيور على الوصف المنقول ، من خوارق العادات والمعجزات المتقدمة، بين أيدي الأنبياء عليهم السلام ، وقد أهلكهم الله تعالى بأضعف جنوده ، وهي الطير الي ليست من عادتها أنها تقتل .
البلاغة:
تضمنت السورة الكريمة وجوها من البديع والبيان نوجزها فيما يلي :
1- الاستفهام للتقرير والتعجيب ]ألم تر كيف فعل ربك . . ] الآية .
2- الخطاب للنبى (ص) بإضافته إلى إسم الجلالة ]فعل ربك ] فيه تشريف للنبي العظيم ، وإشادة بقدرة الله تعالى.
3- التشبيه المرسل المجمل ]فجعلهم كعصف مأكول ] ذكرت الأداة وحذف وجه الشـبه ، فهو تشبيه مرسل مجمل.
4- توافق الفواصل في الحرف الأخير مثل ]الفيل ، تضليل " سجيل ، أبابيل ] وهو من المحسنات ا لبديعية.
.....انتهى تفسير سورة الفيل....