[size=21]البيئة الأسرية للطفل العبقري 2%2854%29
يمثل
دور الأسرة في تنمية الموهبة والإبداع تحديا يواجه أسر الموهوبين من أجل
توفير البيئة الميسرة لتنمية الموهبة ويعتقد (بلوم ،Bloom 1985) أن الأسرة
إذا لم تقم بتشجيع الطفل وتقديره وتوفير المناخ الملائم له في البيت، فإن
الموهبة قد تبقى كامنة.

وأوضح "بلوم" في دراسة أجراها على (
120 ) موهوبا أظهروا نبوغا في صغرهم في مجالات متنوعة، الفنون, أو السباحة
، أو التنس ، أو الرياضيات، أن دور البيت أهم من دور المدرسة في تنمية
الموهبة لدى الطفل.

وعلى الرغم من ذلك فإن غياب دور المدرسة في
اكتشاف الموهوبين وتنميتهم, أو قهر الموهبة بإتباعها أساليب تربوية عقيمة
سوف يؤدي إلى إعاقة دور الأسرة، حيث لن تستطيع تعويض هذا القصور من جانب
المدرسة، ويبين بلوم أن دور الأبوين يتمثل في توفير نماذج إيجابية يقلدها
الطفل ، وامتلاك اتجاهات إيجابية نحو العلم والتعلم .

ويمثل
رعاية الطفل الموهوب في الأسرة تحديا أخر صعبا للأسرة، وللتعرف على أهم
أساليب رعاية الطفل الموهوب في الأسرة لا بد من التعرف على نوعية المشكلات
التي تواجهها الأسرة عند وجود طفل موهوب فيها .

وعلى الرغم من أن
الدراسات التربوية قد بينت أنه من أهم خصائص البيئة الأسرية التي تنمي
الموهبة والإبداع لدى الطفل هي البيئة الثرية ثقافيا والآمنة سيكولوجيا،
إلا أن هناك العديد من الدراسات تؤكد أن أسرة الطفل الموهوب في الواقع
تواجه العديد من المشكلات مع طفلها الموهوب.

ويبدو أن هناك بعدا
غائبا في تربية الطفل الموهوب، وهو عدم مراعاة احتياجاته العاطفية
والنفسية، ففي إحدى الدراسات التي أجريت على أسر الأطفال الموهوبين في
جامعة (Purdue) تبين أن الموهبة ليست بالضرورة خبر سار سواء كان ذلك للطفل
أم للأسرة, بسبب بعض المشكلات العاطفية والاجتماعية التي يواجهها الطفل
الموهوب.

ويبدو أن المشكلة الرئيسة التي تواجه أسرة الطفل
الموهوب هي عدم فهم الأسرة لدورها في رعايته وفي جهلها لأسلوب التعامل
الصحيح معه، ولقد عبر (هاكني) عن هذه المشكلة بقوله إن أسرة الطفل الموهوب
لا تدري كيف تتعامل مع طفلها الموهوب الذي يحتاج إلى فهم متعمق، وأساليب
خاصة في التعامل، وأنها تتعامل معه على أساس معايير الطفل العادي، لذلك
تشعر بالحيرة عندما لا تفلح معه هذه الأساليب في التربية.

ولقد
أكد (جولمان) من خلال النموذج الذي اقترحه والذي اسماه بالذكاء العاطفي أن
تربية الذكاء العاطفي لدى الأطفال لا تقل أهمية عن تربية الذكاء العقلي.

إن العديد من الأفراد الموهوبين الذين يتمتعون بنسبة ذكاء مرتفعة قد
يفشلون في الحياة العملية إذا لم يمتلكوا الذكاء العاطفي الذي يجعلهم أكثر
قدرة على التعامل مع مشاعر الفشل في الإحباط والغضب والانفعال، وأكثر قدرة
على التعاطف مع الآخرين، وعلى استخدام المهارات الاجتماعية التي تجعلهم
أكثر كفاية في حل المشكلات.

وأوضح (روس) أنه كلما كانت الفجوة في
القدرات العقلية للطفل الموهوب كبيرة بينه وبين أفراد أسرته كان تأثير
الطفل الموهوب أكبر سلبية عليها.

وفي دراسة على عدد من أسر
الأطفال العباقرة بين الدروس المستفادة من البيئة المبكرة للأطفال
العباقرة، الذين أظهروا موهبة خارقة في سن مبكرة ، خرجت بعض النتائج على
النحو الآتي :

1- الدرس الأول المستفاد من البيئة الأسرية
المبكرة للطفل العبقري هو أن شغف الطفل بالتعلم كان بمنزلة عمله اليومي في
ظل أبوين يمتلكان توقعات عالية جدا لأداء طفليهما العبقري. فعلى سبيل
المثال كانا والدي أحد الأطفال مصممين مسبقا. حتى قبل ولادة طفليهما أنه
سوف يكون عبقريا، وكانا يوفران له البيئة المحفزة للإبداع . فعلى سبيل
المثال أم المهندس العبقري (فرانك رايت) وضعت منذ ولادته على جدران حجرته
صور تصميمات هندسية.

2- الدرس الثاني من حياة الأطفال العباقرة
أن بيئتهم الأسرية كانت تتسم بالصرامة والضغط الشديدين لدفع الطفل نحو
التميز. مثل ( نوربرت واينر ) الذي كتب في سيرته الذاتية أنه قد قضى سنوات
طفولة تعيسة في صراع مع والديه للحصول على استقلاليته، فقد كانا يفرضان
عليا حماية زائدة، وحياة انعزالية.
ويبدو أن أسر هؤلاء الأطفال تستثمر
قدرا هائلا من الجهد والطاقة في الطفل، خوفا على موهبته من الضياع،
وبأسلوب مبالغ فيه، والطفل المبدع لا يستطيع أن يتنفس إلا في جو مليء
بالحرية ولا يمكن لموهبته أن تنمو وتزدهر إلا في مناخ يتيح له الاستقلالية
الاعتماد على النفس، لذا فان الصراع الأسري بين الطفل الموهوب وأسرته
يحتدم عندما يعيش الطفل الموهوب في هذا النوع من الأسر.

3- الدرس
الثالث المستفاد هو أن الأطفال العباقرة يأتون من أسر يتمتع أحد الوالدين
أو كلاهما بمستوي عالي من التعليم، ويشعر بتقدير وحماس شديدين للعلم، إلا
انه يصر على دفع طفله منذ الصغر على التحصيل العلمي والتفوق الدراسي.
[/size]